تعليق الطلاق والعتاق، فيجب طرد هذا الأصل والتعليل، وأَنْ يُرْجَعَ (?) في كل تعليق إلى قصد المعلق؛ فإنْ كان قصده اليمين وهو كاره للزوم الجزاء عند الشرط فتعليقه يمين، وإلا فهو نذر أو طلاق أو عتاق أو ظهار أو تحريم بحسب ما عَلَّقَه من ذلك.
ونحن نعلم أَنَّ أحمد وغيره فَرَّقُوا بين تعليق الطلاق والعتاق وقصد تعليق النذر، لكن المعنى الذي لأجله فرقوا وجعلوا ذلك التعليق يمينًا = موجودٌ في تعليق الطلاق والعتاق الذي قصد به اليمين؛ فكان موجب أصلهم ومقتضاه أَنْ يكون كل هذا يمينًا وألا يفرقوا بين تعليق الطلاق والعتاق وغيرهما.
والتسوية بينهما هو المنقول عن الصحابة - رضي الله عنهم - في جميع الروايات؛ فالثابت عن غير واحد منهم أنهم جعلوا هذا التعليق الذي يقصد به اليمين يمينًا، وروي عن بعض هؤلاء أنهم جعلوه تعليقًا لازمًا، ولم يُفَرِّق أحدٌ من الصحابة بين تعليق الطلاق والعتاق وغيرهما، ولا بين الطلاق وغيره.
بل هذه الفروق مسبوقة بالاتفاق على خلافها، فإنه إِنْ كان القول الذي لم يعلم بين السلف فيه نزاع إجماعًا = فقد انعقد إجماعهم على أنه لا فرق بين الطلاق والعتاق، بل وانعقد إجماع الصحابة على أنه لا فَرْقَ في التعليق الذي يقصد به اليمين بين تعليق وتعليق، بل صَرَّحُوا بأنه لا فرق بين الحلف بالعتق وغيره نفيًا وإثباتًا، واتفق السلف كلهم على أنه لا فرق بين الحلف بالطلاق والعتاق؛ هذا إِنْ انَ عدم العلم بالنزاع إجماعًا، وإِنْ لم يكن
إجماعًا فلا إجماع لا على وقوع طلاق ولا عتق ولا غيرهما.