قيل: لازم المذهب إذا عَرَفَ به صاحب المذهب ولم يلتزمه كان تناقضًا، ولمَّا كان الإنسان يجوز عليه التناقض، وكان لو عَرَفَ لازم قوله لرجع عن ذلك القول الملزوم؛ لهذا قيل: لازم المذهب ليس بمذهب.
والكلام إنما هو في لازمِ قولٍ صحيح، ولازم الحقِّ حَقٌّ، أو في لازمِ قولٍ يسوغ فيه الاجتهاد، واللازم لذلك، وفي لازمٍ دَلَّ عليه لفظه وتعليله، وفي اللوازم التي لا تقدح في أصحابها بل تجملهم (?).
ومن قال: لازم المذهب ليس بمذهب؛ أرادَ بِهِ دفع الشناعات والتكفيرات عن أصحاب المذاهب الأصولية التي يلزم أحدهم لوازم فيها من مخالفة الكتاب والسنة والإجماع والمعقول ما يوجب ضلال من التزمها، فيريد خصومهم أن يشنعوا عليهم بتلك اللوازم فيقال لهم: لازم المذهب ليس بمذهب.
فكل مَنْ قال قولًا له لوازم لم تخطر على قلبه = فيجب أن يلتزمها إذا خطرت بقلبه وعَلِمَ ما فيها من الفساد، لكن إذا لم يلتزمها مع لزومها دَلَّتْ على فساد الملزوم، وأما مع القول بصحة الملزوم فلا بُدَّ مِنَ القول بصحة اللازم، فإنَّ صحة الملزوم توجب صحة اللازم قطعًا إذ يمتنع تحقيقه بدون تحقيق اللازم.