وإذا كان النزاع عنه بذلك معروفًا فَذَكَرْنَا من كلامه ما يؤيد إحدى الروايتين، وهي أَنَّ أصوله ونصوصه المذكورة تؤيد القول بأنهما من الأيمان، لأنَّ المرجع في الفرق بين اليمين والنذر عنده إلى مقصود المعلِّق، وأن كل ما قصد به اليمين فهو عنده يمين؛ وهذا المعنى عام وهو القول الذي نصرناه، وإذا كان جميع ذلك أيمانًا، فكل يمين فهي مكفرة، وهذا هو الذي نصره المجيب وبَيَّنَ أَنَّ الذي دل عليه الكتاب والسنة أن جميع أيمان المسلمين مكفرة، وانَّ تقسيم أيمان المسلمين إلى مكفرة وغير مكفرة = تقسيمٌ مخالف للكتاب والسنة والاعتبار، وهي مكفرة بكفارة الأيمان.
الوجه الرابع: قوله: (تقدم استثناء أحمد لهما من الأيمان التي تجب فيها الكفارة) إنما يدل على أن المنصوص عنه أنه لا كفارة فيهما، وهذا مما قد بينه المجيب، ولكن لا يمنع أَنْ يُخرَّج له قول آخر من نصوصه وأصوله بالكفارة، كسائر المسائل التي يجيب العالم فيها بجواب ويكون له نص في مسألة أخرى يقتضي قولا آخر (?).
فلو كان المجيب ادعى أَنَّ أحمد نَصَّ على الكفارة لكان كلام المعترض مُوَجَّهًا، وأما مع ذكره أن منصوصه هو عدم الكفارة، ولكن القول الآخر مخرج (?) من أصوله ونصوصٍ له أخرى خروجًا لازمًا؛ فهذا إنما يكون جوابه بأنْ يبين أَنَّ ذلك لا يلزم من تلك النصوص؛ فإذا قال أحمد -رحمة الله عليه-: الطلاق والعتاق لا استثناء فيهما إنما الاستثناء فيما يكفر، وما لا استثناء فيه لا كفارة فيه، وقال مع ذلك في إحدى الروايتين: إنَّ