قد جعلنا عدم الكفارة سببًا لوقوعه، والمقتضي للكفارة قائمٌ وهو الحلف، ولهذا أثبتناها هناك لوجود الحلف فلا بُدَّ أَنْ يفرق بينهما: بأنه هنا وقع العتق فانتفت الكفارة، وهناك لم يقع فوجبت.
وحينئذٍ؛ فيقال: وقوعه إنما يكون إذا لم يمكن التكفير، وإلا فمع إمكان التكفير لا يقع، فلو نفينا الكفارة لوقوعه وأثبتنا وقوعه لانتفاء التكفير -لزم الدور.
وكذلك -أيضًا- إذا علَّلنا ثبوتَ الكفارر بعدمِ العتقِ، وعَلَّلنا وقوع العتق بعدم الكفارة -كما في الجواب- لزم الدور، فإنَّ ثبوتَ التكفير وثبوت العتق ضدان لا يجتمعان، بل ولا يرتفعان في هذه الصورة، بل إِنْ ثبتَ العتقُ انتفت الكفارة وإن انتفت الكفارة ثبت العتق، والضدان وإِنْ كان كل منهما مشروطًا (?) بعدم الآخر، لكن لا يجوز أن يكونَ كلٌّ منهما هو العلة في عدم الآخر، ولا عَدَمُ كلٍ منهما هو العلة في وجود الآخر.
فلا يجوز أَنْ يقال: وُجِدَ هذا لعدم هذا وعُدِمَ هذا لوجود هذا، بل إِنْ كان وجود ذاك هو العلة لعدم هذا = امتنع أن يكون عَدَمُ هذا عِلَّةَ وجود ذاك، وإِنْ كان شرطًا له، فليس كلُّ ما كان شرطًا كان علة، فلا يجوز أَنْ نجعل ثبوت الكفارة بعدم وقوع العتق، ونقول: وقع العتق لعدم وجوب الكفارة، فإنه يلزم تعليل وجود هذا بعدم ذاك، وتعليل وجود ذاك بعدم هذا، وهذا النوع من الدور ليس هو دور في الأنواع، والأول دور في الأعيان.
فدور الأعيان: أَنْ يتوقف كلٌّ من الشيئين المعيَّنين على الآخر، وأما