عليَّ أَنْ أطلقك، لكن هذا التزام لأن يطلقها، والطلاق لا يلزم بالنذر والالتزام، فإنْ شاءَ طَلَّقَ وإن شاء لم يطلق، لكن قد يكون عليه كفارة يمين إذا نذر أن يفعله ولم يفعله، وإِنْ حلف ليفعلنه ولم يفعله.
وقد يتوعدها بوقوع الطلاق فيقول: إِنْ فعلتِ كذا فأنت طالق، فالوعيد هنا وقوعه لا قصد إيقاعه، كما في قوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] فالوعيد هنا: حبوط العمل؛ فمتى أشرك ومات مشركًا حبط عمله لا محالة، ليس هذا من الوعيد الذي يمكن إيقاعه وعدم إيقاعه، كذلك الطلاق المعلق إذا جعله عقوبة لها إذا خالفت فقال: إِنْ خالفتني فأنت طالق، فهنا إذا وجد الشرط وقع الطلاق الذي قصده عند الشرط، وإن كان كارهًا له عند عدم الشرط، وإن كان كارهًا للشرط.
فهذه الصور وما أشبهها يسلمها المجيب أنَّه يقع بها الطلاق خلافَ ما ظَنَّ المعترض عليه أنَّه يجعل هذه أيمانًا مكفرة، فإنَّ أحدًا من المسلمين لم يجعل هذه أيمانًا مكفرة، ومَنْ حكى إجماع العلماء على عدم الكفارة في الطلاق فكلامه صحيح في هذا وأمثاله، فإنَّ الطلاق المنجز لم يقل أحد أن فيه كفارة، وكذلك المعلَّق إذا قصد إيقاعه عند الشرط لم يقل أحد إنَّ فيه كفارة.
وإنَّما النزاع فيما إذا كان قصده اليمين، وهذا لا بُدَّ أن يكون كارهًا للجزاء وإن وجد الشرط، وهو -أيضًا- كاره للشرط، فيجتمع في الحال كراهةُ كل من الشرط ومن الجزاء، بخلاف الموقِع فإنه لا يكره وقوع الجزاء عند الشرط بل يريده، وإن كانت نفسه تبغض الطلاق لكنه يريده عند الشرط، كما يريد تنجيز الطلاق وإن كانت نفسه تبغضه لأمرٍ