البخاري له في التَّرجمة معنى.
فإنَّ البخاري ذكر في هذا الباب ما يدل على أَنَّ القصد معتبر في الطلاق، فلا يقع طلاق السكران والمكره والناسي وطلاق الإغلاق، وهذا إنما يناسب ذكر قول ابن عبَّاس إذا كان مراده الحصر.
وأما أثر ابن عمر؛ فالاحتمال فيه ظاهر، لا ينازع فيه عاقل يفهم الفرق بين من يقصد بالتعليقِ الإيقاعَ تارةً واليمينَ أخرى.
وهذا المعترض لَمَّا لم يفهم هذا الفرق، وجعل الجميع يمينًا عند المجيب، وظنه أنَّه لا يخرج عن اليمين إلَّا التعليق الذي ليس فيه حض ولا منع كالتعليق بطلوع الشمس = صار أثر ابن عمر عنده صريحًا أو كالصريح، ونحن نُسَلِّم له أنَّه صريح أو كالصريح في التعليق الذي يقصد به المنع من الخروج.
فإنَّ قولَ نافعٍ: (طَلَّقَ رجلٌ امرأته البتة إِنْ خَرَجَتْ)؛ يقتضي أنَّه عَلَّقَ طلاقها بالخروج، وهذا لا يكون في العادة إلَّا إذا كان مانعًا لها من الخروج، لكن مع هذا: قد يريد طلاقها إذا خرجت فيكون مطلقًا، وقد يكون يكره الطلاق وإن خرجت فيكون حالفًا.
ومعلومٌ أَنَّ الناس تارة يقصدون هذا وتارة يقصدون هذا، والغالب على أهل زماننا قصد اليمين، وأما في زمن الصحابة - رضوان الله عليهم - فكان الغالب عليهم قصد الإيقاع عند الصفة، كما نُقِلَ مِثْلُ ذلك عن غير واحد من الصحابة في تعاليق متعددة يراد بها الإيقاع عند الصفة وإن كان فيها حض أو منع.