مُقَدِّمة
الحمد لله الذي جَعَلَ في كُلِّ خَلَفٍ عُدُولَه، ينفونَ عن العلم تحريفَ الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويلَ الجاهلين، والصلاة والسلام على محمد خاتم النبيين. أما بعد:
فهذا سفرٌ نفيسٌ من مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ الله يرى النور لأول مرة، بعد أن حفظ الله قطعة منه من عوادي الزمان، ومن خصوم الشيخ حيث ترصدوا لمؤلفاته في عصره وبعد ذلك (?)؛ فإنه (لمَّا حُبِسَ تفرَّقت أتباعُهُ، وتفرَّقت كتبُهُ، وخوَّفوا أصحابه من أنْ يُظهروا كتبه= ذهبَ كلُّ أحدٍ بما عنده وأخفاه ولم يُظْهروا كتبه، فبقي هذا يهَرب بما عنده، وهذا يبيعه أو يَهَبُهُ، وهذا يُخْفيه ويودعُهُ، حتى إنَّ منهم مَنْ تُسْرق كتبه أو تُجْحَد، فلا يستطيع أنْ يَطلبها! ولا يَقدر على تحصيلها! فبدون هذا تتمزق الكتب والتصانيف كلَّ تمزق) (?)، وقد ذكر المَقريزي (845) (?) أنَّ (أكثر مصنفاته مسوَّدات لم تبيَّض، وأكثر ما يوجد منها الآن بأيدي الناس قليل من كثير، فإنَّهُ أُحرق منها شيءٌ كثير، ولا قوة إلا بالله).
ومع كلِّ هذه الأسباب التي تؤدي إلى ضياع كتب الشيخ إلا أنَّ الله حفظ