فإنه وجوب معلَّقٌ بالصفة؛ فإن هذا الفرق لم يذهب إليه أحدٌ من الصحابة بل ولا من التابعين، فهو فَرْقٌ مسبوق بالإجماع على خلافه، ودعوى الإجماع القديم على إلغاء هذا الفرق أولى من دعواه على وقوع كُلِّ طلاق معلق بصفة أو محلوف به، مع أَنَّ هذا اللفظ لم يُنقل عن أحد منهم فضلًا عن أن يكون إجماعًا، وما نقل عن بعضهم من الإفتاء في بعض ذلك فإنه وإِنْ عُلِمَ مأخذه فلم يُعلم موافقة الباقين له، بل عُلِمَ أَنَّ الناس يخالفونه فامتنع عن (?) هذا المأخذ؛ ومع العلم بالنزاع يمتنع دعوى الإجماع، بخلاف ما لم يعلم فيه نزاع فإنَّ دعوى الإجماع فيه أظهر.
وأما إذا قيل: لم يثبت عنهم في العتق شيءٌ لا نفيًا ولا إثباتًا؛ لم يكن ما فعلوه مخالفًا لما قاله الصحابة، وإِنْ ثبتَ النقل عنهم في أحدهما -كما بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ الثابتَ عنهم في العتق هو التكفير دون نقيضه- فهذا أقوى من قوة هذا القول.
وأحمد - رضي الله عنه - لَمَّا لم يَعْرِف ثبوت الحلف بالعتق عنهم، لم يكن فيما علمه مخالفًا لأحد منهم، وذكر الأثر الآخر عنهم، وأما العتق فيلزم، وفيه التسوية بينه وبين غيره باللزوم؛ فتبيَّن أنه قد نقل عنهم في الجملة الإلزام بالعتق، وإن كانوا سووا بينه وبين غيره، فهو إذا فَرَّقَ بينه وبين غيره لم يكن فيما علمه مخالفًا لإجماعهم، وإنما يكون مخالفًا لهذا الأثر أثر عثمان، فالنفي في الموضعين واحد.
الجواب الثاني: قوله: (إن البخاري لم ينقله بهذا اللفظ، بل لفظه: وقال