الطلاق وتعليق العتق.
وذلك: أَنَّ عامة الآثار المنقولة عن السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم من أهل البيت وغيرهم إنما هي أجوبة في قضايا معينة، لم يُنْقَل عن أحد من الصحابة أن كل من حلف بالطلاق يلزمه، بل ولا نقل هذا عن التابعين، ولا نقل عن أحد منهم ولا التابعين أَنَّ كل من عَلَّقَ الطلاق بصفة فإنه لا يقع، بل ولا كُلَّ مَنْ حَلَفَ بالطلاق فإنه يقع، كما أنه لم ينقل عنهم أنه لا يقع الطلاق بأحدٍ عَلَّقَهُ، بل المنقول عنهم في تعليقات لا يقصد بها اليمين الإيقاع، أو في تعليقات يقصد بها اليمين عدم الوقوع، وفي بعض ذلك نقل عنهم الوقوع.
وما علمت لفظًا عامًّا منقولًا عن الصحابة والتابعين في النفي والإثبات إلا ما ذَكَرَ ابن طاووس عن أبيه أنه كان يقول: (ليس الحلف بالطلاق شيئًا)؛ فهذا أفتى فتيا عامة في كل حالف بالطلاق أنه لا يلزمه، كما قد ذكرنا ألفاظه في هذا الباب في موضع آخر (?).
وأما المنقول عن السلف من الصحابة والتابعين في تعليق الطلاق أو الحلف به، فما علمتُ أحدًا نَقَلَ عن أحدٍ من الصحابة أو التابعين أنه قال: كُلُّ طلاقٍ معلَّقٍ بصفة فإنه يقع، بل ولا من قال: كل مَنْ حَلَفَ بالطلاق فإنه يلزمه، بل نقل عنهم في كثير من صور التعليق وبعض صور الأيمان، فجعل الباقي مثله بالقياس على ما ذكره.
فإنْ كان نقل المذاهب بالقياس باطلًا؛ لم يكن لأحدٍ أَنْ ينقل عن أحدٍ