من المتأخرين.
وأما إنْ علمنا أنهم فَرَّقُوا مع صحة الفرق؛ فهذا باطل قطعًا، فإنه لا يمكن أحدًا أَنْ يأتي بفرق مؤثِّرٍ بينهما، حتى أبو ثور ومحمد بن جرير وغيرهما لم يُفَرِّق أَحَدٌ منهم بين الحلف بالطلاق والحلف بالعتق بفرق مؤثر أصلًا، بل جعلوه من مواضع الاستحسان المردودة عند جمهور العلماء، وهو تخصيص العلة بدون فوات شرط ووجود مانع، والتفريق بين المتماثلين بلا سبب يخص أحدهما (?).
وإِنْ قيل: بل فرقوا مع الخطأ في الفرق؛ كان هذا إلزامًا لهم بالخطأ من غير أن يكون في كلامهم دليل عليه، وكان في هذا خلافُ إجماعِ الأمة قبل أبي ثور، فإنَّ حُكمنا بأنه لم يفرق أحد من العلماء بين الحلف بالطلاق والحلف بالعتاق قبل أبي ثور= حُكْمٌ لم نعلم أحدًا نازع فيه، ولا نُقِلَ فيه خلافٌ لا شاذ ولا غير شاذ، بخلاف حُكمنا بأنَّ وقوع الطلاق مجمع عليه، فإن هذا مما قد نقل فيه النزاع قديمًا قبل أبي ثور، فكيف يُلزم الصحابة بهذا دون ذاك؟
وأيضًا؛ فهذا المعترض عمدته فيما نقل عن الصحابة على ما ذكره