وأما إِنْ قصد معنى اليمين: إما بالنذر المفرد، كقوله: لله عليَّ أَنْ أقتل فلانًا إن ظفرت به، وعَليَّ أَنْ أُغِيرَ علي بني فلان ونحو ذلك، وإما بأنْ يُعَلِّقَ على الفعل ما يلزم إذا قصده، ويقصد بالتعليق اليمين لا لزومه، كقوله: إِنْ فعلت كذا فعليَّ الحج وعليَّ عتق رقبة، فهذا النوع يمين.
ومعلوم أنه إذا قصد النذر لغير الله ولم يقصد به اليمين لم يكن عليه كفارة يمين، فلو كان الصحابة قد أبطلوا العتق لكونه لم يقصد التقرب به إلى الله لا لكون الحالف قصد اليمين=لم يكن عليه كفارة يمين، فلما أفتوه بكفارة يمين دَلَّ على أنهم جعلوا هذا يمينًا، لم يجعلوه من باب مَنْ قصد أن ينذر لغير الله أو يتقرب إلى غير الله أو يعتق لغير الله.
وأيضًا؛ لو كان العلة ما ذكره (?) لم تجب كفارة لا في النذر ولا في العتق، كمن نذر لغير الله، فإنه من المعلوم أن النذر لغير الله لا يلزم، بل يشترط في النذر اللازم أن يكون الناذر قصد التزامه لله؛ فإنَّ النذر أن يلتزم لله وإن كان قد التزمه على سبيل المقابلة لِمَا حصل له من النعمة، وهذا أحد الأسباب التي علل بها كراهة النذر.
قال أبو جعفر محمد بن جرير بعد أَنْ ذَكَرَ حديثي ابن عمر وأبي هريرة في النذر أنه لا يأتي بخير وأنه لا يَرُدُّ القَدَرَ (?) قالى (?): (لا ينبغي لأحدٍ ثَبَتَ عنده