محدث لم يعرف غلطه، وما يَحْمِل كلام المحدثين على الغلط بلا دليل أصلًا ولا شبهةِ دليلٍ إلا مَنْ هو أبعد الناس في العلم والدين (?).
ثم بتقدير غلط أحدهما؛ تغليط جسر بن الحسن أولى من تغليط التيمي وأشعث الذين رويا أنها قالت: كل مملوك لي حر؛ وجسر يحتج بمتابعته على ذكر العتق، لا على لفظه الذي خالف فيه من هو أوثق منه وأكثر منه عددًا، هذا لو صرح بما يخالف لفظهما، فكيف والأمر بخلاف ذلك؟
وأيضًا؛ فقد بيَّنَّا أن الحلف بالعتاقة إنما يفهم منه عند الإطلاق: الحلف بوقوعه لا بنذره [ ... ] (?)، فقول المعترض: الفظ الحلف بالعتاقة متردد بين كذا وكذا) إنْ أراد أنه بطريق أن اللفظ لا يدل إلا على أحدهما، لأن دلالته على الآخر بطريق الاشتراك أو المجاز= كان هذا مناقضًا لقوله: إلا يحمله على ما هو أخص منه)، فإنَّ هذا يدل على أنَّ اللفظ الذي رواه الأوزاعي مشترك (?) لا حقيقة ومجاز.
وإن أراد أنَّ اللفظ عام؛ فالعام لا تردد فيه، وإن أراد أنه لا يعلم ماذا وقعَ في لفظ الراوي إذا كان عامًّا= كان دليلًا على أنه فهم أنَّ المعنيين سواء عند السائل للصحابة الذين أفتوه، وأن السائل فهم عن الصحابة التسوية، وتكفي الرواية بالمعنى لا سيما ومن هو أكثر عددًا وأفضل منه حفظًا وفهمًا ذكروا لفظ الحالِفَة: (كل مملوك لي حر إِنْ فعلت كذا).