الناس بالطلاق والعتاق وإن لم يكن ذلك مشهورًا على عهد الصحابة، حتى إنه قد ادَّعَى الإجماع على لزوم العتق المحلوف به من ادعاه من العلماء، كما ذكر ذلك ابن جرير عمن ذكره وأنكره عليه (?)، وكما ذكر إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني الإجماع على أَنَّ العتق المحلوف به والطلاق المحلوف به لا كفارة فيهما (?)؛ فلولا ظهور العمل بأن الحالف بذلك يلزمه ولا تنفعه الكفارة ما ادعى الإجماع مَنْ هو مِنْ أهل العلم.
وإذا ظهر العمل بقول في بلد أو بلاد هاب مَنْ يهاب ذكر ما يخالف ذلك، لاسيما إذا اقترن بذلك غَرَضُ بعض الولاة وعقوبتهم لمن يخالفهم، حتى إنَّ البلاد التي تظهر فيها بدعة من البدع لا يمكن أهل الحديث أن يظهروا من الأحاديث ما يخالف تلك البدعة.
ولما أظهرت محنة الجهمية امتحنوا الناس عليها، حتى كتب ابن أبي دؤاد على أستار الكعبة (ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم) ولم يكتب {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]؛ حتى كانوا إذا افْتكُّوا الأسير امتحنوه، فإنْ قال: القرآن (?) مخلوق؛ جعلوه مسلمًا فافتكوه وإلا لم يفتكوه، وقطعوا أرزاق (?) من لم يوافقهم وعزلوه، وكان في تلك المدة لا يُظهر أحد في [ ... ] (?) الأحاديث المخالفة لقول الجهمية.