فلو فرقوا لم يفرقوا إلا بكتاب أو سنة أو قياس، ومن المعلوم أنه ليس في الكتاب والسنة فرق بينهما ولا في القياس، بل الفرق بينهما خطأ محض، كما اتفق على ذلك سلف الأمة وجمهورُها، لا يُعرف عن أحد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء أنه فرق بين الحلف بالطلاق والحلف بالعتاق، بل كلهم متفقون على أن هذا الفرق خطأ، وكلام الصحابة الذين سَوَّوا بين العتاق والنذر بل والذين أفتوا في النذر بالكفارة يدل على التسوية، وأن التعليق الذي يقصد به يمين من أيمان المسلمين هو يمين عندهم ليس إيقاعًا لعتاق ولا نذر ولا ظهار ولا تحريم ولا طلاق.
فتبيَّن أَنَّ المجيب ذكر نصوصهم في العتق لِتَبِينَ (?) بذلك أقوالهم في الطلاق = كان ما سلكه أحسن مما يسلكه المعترض، حيث جعل قولهم ما لم يقولوه من الفرق، وَخَطَّأَهم في ذلك لمجرد ظَنِّ ظانٍّ بعدهم بأكثر من مائتي سنة أنه لا يَعرف نزاعًا في الحلف بالطلاق، والحلف بالطلاق لا يُعرف عن أحدٍ من الصحابة بإسناد ثابت صريح أنه يلزم، ولا يُعْرَف أَنَّ أحدًا نقل ذلك عنهم، بل من نقله إما أن ينقله بإسنادٍ ضعيفٍ بل مكذوبٍ، أو بلفظٍ لا يدل دلالة بينة، مع أن الأظهر عنهم نقيض ذلك؛ وغايته أن ينقله عن ابن عمر الذي اختلفت النقول عنه في التعليق الذي يقصد به اليمين. نُقِلَ عنه: أنه يُلزِم به؛ نُقِلَ ذلك عنه من وجه صحيح ووجه متوسط ووجه ضعيف. ونُقِلَ عنه من وجوه أثبت من ذلك: أنه لا يُلْزِم به، بل يقول فيه بالتكفير؛ نقل ذلك عنه من وجه صحيح ومن وجه متوسط، وفيه أنه رجع عن ذلك القول، ومثل هذا يوجب أن يكون عنه روايتان دي هذا الأصل، وكثيرًا ما اختلف