الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وبما يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار؟
وهذا الذي يُقَوِّلُهُم ما لم يقولوه ويزعم أنهم أخطأوا ليس معه بذلك نقل عنهم أصلًا، لكن معه عدم علم أبي ثور بالنزاع في مسألة الطلاق، وعدم علم من اتبعه؛ فكان عدم علم هؤلاء عند هذا المعترض وأمثاله موجبًا لما سلكه من تقويل الصحابة ما لم يقولوه، بل قالوا ما يدل على نقيضه، وتخطئتهم فيما قوَّلهم إياه مع أنهم أحق الناس بالصواب في هذا وغيره.
فإنَّا كما أَنَّا نعلم مجملًا أنهم فوقنا في كُلِّ علم وهدى وفقه وفضل وفهم وكُلِّ سببٍ ينال به علم أو يدرك به حق = كان رأيهم لنا خيرٌ من رأينا لأنفسنا، فإنا - ولله الحمد- قد علمنا مفصلًا أن أقوالهم التي يخالفهم فيها مَنْ بعدهم هي الصواب دون قول منازعيهم، كما عرفنا ذلك في مسائل الأيمان والطلاق وغير ذلك.
وأبو ثور رحمه الله لم يفرِّق بين الطلاق والعتاق بفرقٍ معنوي ولا دليلٍ شرعي من الكتاب والسنة يذهب إليه المجتهد من الصحابة، بل جعل ذلك موضع استحسان، وجَوَّزَ تخصيص العلة لغير فوات شرط ولا وجود مانع لما ظنه من الإجماع (?).
ومعلومٌ أن هذه طريقة باطلة؛ وهي ممتنعة من الصحابة، فإنه لا إجماع قبل زمانهم يَعتمدون عليه كما اعتمد عليه أبو ثور ونحوه (?)، والحلف بالطلاق في عهد الصحابة كان أقل من غيره، وقد علم يقينًا أنه لم يكن فيه