وكذلك إذا قال: أيمان المسلمين تلزمني؛ مراده: أنه يلزمني ما يلزم المسلمين في أيمانهم إذا حلفوا بها، لم يرد أنه يلزمني أن أحلف بها فيما بعد.
الثاني: أن الصحابة والتابعين الذين أفتوا في قوله: إِنْ فعلتُ كذا فكل مملوك لي حر؛ إذا كانوا قد عللوا ذلك بأنه يمين وسووا بين ذلك وبين قوله: إِنْ فعلت فمالي في سبيل الله وما لي هدي = عُلِمَ أَنَّ الفرق الذي يذكره مَنْ يُفَرِّق بين الحلف بالعتق والحلف بالنذر باطل عندهم، وأَنَّ التعليق الذي يقصد به اليمين يمينٌ (?) عندهم سواء كان المعلَّق وجوبًا في الذمة أوكان المعلَّق وقوعًا في عين.
فعلم بذلك أن ما يذكره المعترض وغيره من أصحاب الشافعي وأحمد ممن يُفَرِّقُ بين الطلاق والعتاق وبين النذر باطل عند هؤلاء الصحابة والتابعين، وأَنَّ مناطَ الحكمِ عندهم كونه قَصَدَ اليمين دَلَّ (?) على ذلك كلامهم؛ وحينئذٍ فيستدل بذلك على أن كل من قصد اليمين (?) بتعليقه هو حالفٌ عندهم، وإنْ كان المعلق وقوعًا.
والشافعي وأحمد وغير هما من الفقهاء طردوا أقوال الصحابة والتابعين في جنس الحلف بالنذر، وليس معهم إلا فتياهم في بعض الصور، لأنهم جعلوا ذلك يمينًا وعلقوا الحكم بذلك.