والتحقيق: أَنَّ الملك الذي كان على ذلك أولًا من قدرته على التصرف المطلق زال، ولم يبق له إلا قدرة على تصرفٍ خاص، والملك هو القدرة الشرعية على التصرف، والقدرة تتنوع؛ فقد يقدر على تصرف دون آخر.

ومن هنا يغلط كثير من الفقهاء فيجعلون الملك شيئًا واحدًا مماثلًا في محالِّهِ، ثم يتنازعون في ثبوته وانتفائه في مواضع، ويكون كلا القولين الإثبات والنفي خطأ، كتنازعهم في الكفار هل يملكون أموال المسلمين؟ وفي العبد هل يملك؟ وفي الوقف هل هو ملك للموقوف عليه أو الواقف أو لله؟ وفي الهدي والأضحية هل هو باقٍ على ملك مَنْ جعل ذلك هديًا وأضحية أو خارجٌ عنه؟ ونحو ذلك.

فمن قال: الكفار لا يملكون، قال: لأنهم ظالمون بالاستيلاء فصاروا كالغاصبين.

فقال منازعوهم: الغاصب يَضمن ما أتلفه للمغصوب وهؤلاء لا يضمنون.

فقال الأولون: فإنهم لا يعتقدون تحريم القتال كأهل البغي.

قال النفاة: أهل العدل والبغي لا يضمنون -أيضًا- ما أتلفوه بالتأويل، ومع هذا لا يملكون ما استولوا عليه، فلا يلزم من نفي الضمان ثبوت الملك.

قال المثبتون: الكفار يعتقدون جواز تملك ما استولوا عليه، بخلاف أهل البغي فإنهم لا يعتقدون جواز تملك ما استولوا عليه، ومعلومٌ أَنَّ من جعلهم يملكون كما يملك المسلم منهم فقد غلط، ومن جعلهم لا يملكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015