حمزة فأنت حر = هو فيه مريدٌ للشرط الذي هو قتل حمزة، وقد جعل العتق لازمًا له، وإرادة الملزوم تستلزم إرادة اللازم؛ كسائر من يعلق العتق بشرط يريد وجوده، فإنَّ هذا يقع به العتق، ولم ينازع أحدٌ في هذا؛ بل ذَكَرَ غيرُ واحدٍ الإجماعَ على وقوعِ العتقِ المعلَّقِ بالصفةِ المقصودةِ والعتقِ المعلَّقِ إذا قُصِدَ إيقاعه عند الصفة (?)، وإنما النزاع فيما إذا عَلق العتق قاصدًا لليمين كقوله: إِنْ لم أُفَرِّقَ بينك وبين امرأتك فعبدي حر، وإنْ فعلتَ كذا فكل مملوك لي حر.
ومنه إذا قال: والله لا أبيع هذا المملوك وإن بعته فهو حر، وقصده ألا يبيعه وألا يكون حرًّا = فهذا حالفٌ؛ فيه النزاع: هل يكفِّر يمينه أم لا يكفِّر؟ والذين قالوا: لا يكفر اضطربوا؛ هل يَعتق أو لا يَعتِق أو يَعتِق إذا شرط الخيار؟ وكلُّ قولٍ فيها ضعيف، لأنَّ الرجل لم يقصد أن يعتقه بعد خروجه من ملكه إلى ملك المشتري، ولا يقصد هذا عاقل، وليس هذا كالتدبير؛ فإنَّ الذين قالوا يَعْتِق شبهوه بالمدبَّر، لأنَّ المدبَّر لم ينتقل إلى ملك الورثة بل عتق عقب الموت، والتدبير منعه من الانتقال.
وهنا إذا قال: إِنْ بعتك فأنت حر؛ فإنْ أراد البيع الشرعي اللازم، فالبيع الشرعي اللازم لا يكون إلا ناقلًا للملك إلى المشتري، وإن أراد بالبيع التلفظ ببيع لا ينقل الملك لم يكن هذا بيعًا، بل كان بمنزلة بيع المجنون والمحجور عليه وغيرهما. وبعد هذا إذا قال لغيره: بعتك، وقال الآخر: قبلت -إِنْ كان هذا بيعًا- فقد صار له موجَبان متضادان: انتقاله إلى المشتري وعتقه، بخلاف موت سيد المدبَّر؛ فإنَّ موته لم يوجب انتقاله إلى الورثة مع