فيما يظهر فيه معنى اليمين كالحلف بالنذر، فإن الشرط هناك إذا لي يكن مقصودًا لم يكن الجزاء مقصودًا -أيضًا- من الأمر العام، بخلاف الطلاق فإنه قد يكون الشرط فيه غير مقصود والجزاء فيه مقصود، فلما رأوا في تعليق الطلاق الذي يقصد به الحض والمنع ما يقصد به الطلاق كثيرًا بخلاف تعليق النذر= كان هذا مما أوجب إفتاءهم في كثيرٍ من تعليق الطلاق الذي يقصد به الحض والمنع بالوقوع.

ثم منهم مَنْ فَرَّقَ بين قصد اليمين وغيره طردًا للأصل وتسويةً بين المتماثلين، ومنهم من لم يُفَرِّق لاشتباه أحد النوعين بالآخر، ونظرًا إلى قصد الحض والمنع في تعليق الطلاق ليس موجب كونه يمينا العادة المعروفة، بل قد يَقْصدُ ذلك ولا يكون يمينًا، لا سيما حيث كانوا لا يحلفون بالطلاق أو لا يكاد يحُلف به إلا نادرًا (?)، فكان المعتاد منهم أَنَّ تعليق الطلاق مع قصد الحض والمنع ليس بيمين بل تطليق، ثم صار الناس يعلقونه تعليق يمين كما يعلقون النذر وغيره فيكونون ممتعين من إيقاعه ووقوعه عند الصفة، وإنما علقوه مع ذلك لئلا يقع الشرط فقط لا ليقع الطلاق بحال سواء وقع الشرط أو لم يقع، بل هم ممتنعون من إيقاعه على التقديرين، وهؤلاء كارهون للشرط كارهون للجزاء وإِنْ وجدَ الشرط.

والحالف لا يكون حالفًا إلا بهذين الشرطين: بكراهة الجزاء، مع قصد الحض والمنع، لا أَنَّ مجردَ الحض والمنع يصير به وحده حالفًا.

وكذلك قصد التصديق والتكذيب لا بُدَّ أن يكون معه كارهًا للزوم ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015