وإذا عُرِفَ أن كون التعليق مقتضيًا لثبوت الجزاء عند الشرط لا ينازعه فيه أحد، وإنما النزاع في شيئين: في كونه كارهًا لوقوع الجزاء عند الشرط، وفي حكم الله ورسوله في التعليق الذي قصد به اليمين.

لكن يقال: نحن نسَلِّمُ أَنَّ المعلِّق، جعلَ الجزاء لازمًا له، وجعل الشرط مستلزمًا للجزاء، لكن النزاع في أَنَّ هذا الملزوم الذي جعله هذا المعلق وهذا الربط والعقد الذي عقده وربطه هذا العاقد الرابط الذي عقد الجزاء بالشرط وربطه به= هل يمكن في [حكم] (?) الله ورسوله حَلُّ هذا العقد والربط وقطع هذا اللزوم وَفَكُّهُ؟ بحيث يوجد الملزوم (?) المقتصي ولا يوجد اللازم الذي هو مقتضاه؛ فهذا محل النزاع.

وهذا نزاع في حكم الله ورسوله في هذا الاقتضاء القَسَمي، كما أَنَّ الحالفَ إذا قال: أَحلفُ بالله لأفعلنَّ كذا؛ فمعنى هذا الربط جعل الفاعل (?) تعظيمه له مستلزمًا للفعل مقتضيًا له، وهذا الاقتضاء القسصي مشهورٌ عند العامة والخاصة؛ فكلُّ مَنْ حَلَفَ باسمِ شيءٍ فإنما يحلف باسم ما يعظمه، وقد جعل تعظيمه له مستلزمًا للمقسم عليه، فموجب يمينه أنه إن حنث زال تعظيمه للمحلوف به، فلولا أَنَّ الله شَرَعَ تحلَّةَ الأيمان -فإذا كَفَّرَ الحالف يمينه لم يَزُلْ تعظيمه للمحلوف به-إذا حنث= لم يكن الحنث إلا بزوال ذلك التعظيم، ولكان الحانث قد عقد عقدًا وفسخه، وجعل الحنث لازمًا للتعظيم وقد نقض عقده= بمنزلة الغادر الكاذب، أو أَنْ يزولَ تعظيمُ المحلوفِ بِهِ من قلبه إن كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015