ولو غَلَّظَ الأيمان أَيَّ تغليظٍ كان لم يمنع ذلك من تكفيرها مثل أن يقول: إِنَّ على الحج ماشيًا حافيًا (?) على أغلظ مذهب في الإسلام أو على مذهب مالك بن أنس، أو يقول على أشدِّ ما أخذ أحدٌ على أحدٍ، أو ما لي صدقة وعليَّ الحج ونسائي طوالق وعبيدي أحرار على مذهب مَنْ يُلزم الحالف ما التزمه، أو على أني لا أقلد من يفتي بالكفارة، أو لا أستفتي من يفتي بذلك ونحو هذه العبارات التي يلتزم فيها ما يجعله لازمًا له لزومًا ثابتًا، ويمينًا معقودة لا يمكن تحليلها، فإنَّ عَقْدَهُ وَرَبْطَهُ وتعليقه لو بالغ فيه ماذا عسى أَنْ يبالغ لم يكن ذلك برافعِ لحكم الله ورسوله الذي شرعه على لسان نبيه محمد عبده ورسوله حيث قال: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89]، وقال تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيمَانِكُمْ} [التحريم: 2]، وقال النبي - صلى لله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" (?).

فقد تبين أنَّ المشهور عند العامة والخاصة لو عَلَّقَ تعليقًا يَقصد به الأيمان أنه يكره وقوع ما علقه لا يريده سواءً كان المعلق بالشرط وقوع الطلاق أو العتاق أو الظهار أو الحرام، أو وجوب حج أو صيام أو صدقة أو هدي أو أضحية أو وقف أو غير ذلك مما يلتزمه المسلمون عند أيمانهم، وكذلك إن كان المعلق كفرًا كقوله: إنْ فعلتُ ذلك فأنا بريءٌ من الله ورسوله، وأنا يهودي ونصراني، وأنا مشرك بالله، وأقول: إن الله ثالث ثلاثة، وأعبد الصليب دون الله إن فعلت كذا، وأقول: إن القرآن ما هو كلام الله، وأقول: إن القرآن شعر وسحر إن فعلت ذلك، وأستحل وطء أمي في كعبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015