أمثاله، فإنَّ الأكثرين يُسَوِّغُونَ التكفير قبل الحنث مطلقًا، وهو مذهب مالكٍ وأحمدَ، والشافعيُّ يجوِّزُ التكفير بالمال كالعتق والصدقة دون الصيام؛ ومع هذا فهو يقول وأصحابه إنه إذا وجد الفعل الأول جاز التكفير بالصيام كما يجوز بالمال، ولم يقل أَحَدٌ منهم إنه إذا كَفَّرَ بالصيام لم يجز إلا إذا فات الفعل الثاني، فلو لم يكن حانثًا عندهم إلا بفوات الفعل الثاني لم يجز بالصيام عندهم إلا بفوات الفعل الثاني، وكذلك أبو حنيفة لا يجوز عنده التكفير قبل الحنث، وهو في إحدى الروايتين عنه التي اختارها محمد يقول بإجزاء الكفارة في هذا كما قاله جمهور العلماء، ولم يقولوا إنه يجب تأخير الكفارة إلى أَنْ يفوت ما التزمه من حج وغيره، ولو قالوا هذا لم يجز التكفير حتى يتعذر عليه ما التزمه من حج وصدقة وغير ذلك.
فتبيَّن أَنَّ ما ذكره هذا من أَنَّ التكفير قبل فوات الفعل الثاني تكفير (?) قبل الحنث، وأَنَّ التكفير قبل وجود الشرط تكفير قبل انعقاد اليمين = قولٌ لم يقله أحد قبله، بل هو خلاف الإجماع إِنْ كان في مثل هذا إجماع، ولكن هذا القول يقابل قول من يقول: تجب الكفارة عينًا ولو فعل ما التزمه.
وشبهة القولين: أنهم ظنوا أَنَّ هذه يمين واحدة ليس فيها إلا حنثٌ واحد، ثم ظَنَّ ذلك أَنَّ الحنث فيها وجود الشرط فتتعين الكفارة، وَظَنَّ هذا أنه لا حنث فيها إلا بفوات الجزاء وأنه لا يمين فيها إلا إذا وجد الشرط؛ وكلاهما غلط، لكنْ غلطه هو لم يسبقه إليه أحد فيما علمته.
ثم قوله هذا يناقض قوله في هذه غير مرة: إنَّ اليمين فيها لكونه منع نفسه من الفعل، وقد التزم بذلك للمجيب غير مرة، والمجيب يقول: إنما