قال: والله لأحجنَّ، وإنما جعل الحج لازمًا له على ذلك التقدير مع كراهته للزومه له ليمتنع بلزومه عن الشرط، فصار حالفًا بالمجموع المركَّب لا بأحدهما، بخلاف قول القائل: إِنْ فعلتُ فوالله لأحجنَّ؛ فإنَّ هذه اليمين لو تجردت عن الشرط لكانت يمينًا في يمين، سواء قصد أن يحج إذا وجد الشرط، أو قصد ألا يحج ولكن حلف مع كراهته أن يحج، وأما هناك فلا يكون حالفًا إلا إذا كان الجزاء المعلَّق مكروهًا له عند وجود الشرط؛ إذ لم يعلق هناك ما يكون بمجرده يمينًا وإنما صار بالتعليق يمينًا، للتزامه (?) لله ما يكره لزومه له؛ فهو عند التعليق كاره للزومه له، بخلاف من لا يكون عند عقد اليمين كارهًا لفعل المحلوف عليه.
فصلٌ
وأما قوله: (وينشأ عليه: أَنَّ التكفير قبل فوات الفعل بمنزلة التكفير قبل الحنث، ولكن لعله يترجح هنا ليعلم أنه قد خَلَصَ مما وجب عليه بالنذر، وَأَنَّ التكفير قبل دخول الدار -مَثَلًا- بمنزلةِ التكفير قبل انعقاد اليمين؛ فلا يصح، ولم أر في شيء من ذلك نقلًا؛ فهذا ما ظهر لي في ذلك، وهو خلافُ ما يَسبق إلى الفهم من كلامِ كثيرٍ من الأصحاب أَبْدَيته لِيُنْظَرَ فيه) (?).
فيقال: بل النقل في ذلك موجود بخلاف ما قلته، ولستَ في ذلك مخالفًا لأصحاب الشافعي وحدهم، بل ولأصحاب أحمد وغيرهم من الصحابة والتابعين، وجمهور السلف والخلف الذين يقولون بإجزاء