فهذا الثاني ناذر والأول حالف.

فإذا حلف بصيغة النذر فقال: إِنْ فعلتم بي كذا فلله عليَّ أَنْ أَحُجَّ وأفارقكم، أو فلله عليَّ أَنْ أَخْرُجَ من ما لي وأصير فقيرًا، أو فلله عليَّ أَنْ أطلق بنتكم، أو فنذرٌ عليَّ أن أقتل فلانًا أو أطلق فلانة ونحو ذلك = فهنا إنما حَلَفَ يمينًا على تقدير الفعل، كما لو قال: إِنْ فعلتم فوالله لأفعلنَّ؛ وهنا سواء كان قصده وجود ما حلف عليه إذا وجد الشرط أو لم يكن مقصوده وجوده؛ على التقديرين هو حالف يكفر يمينه.

وأبو حنيفة يُسَلِّمُ أنه في مثل هذا عليه كفارة يمين مع قوله: (إن في نذر اللجاج والغضب الوفاء)؛ فإنَّ هذا لو لم يكن معلَّقًا عنده أجزأت فيه الكفارة، فإذا كان معلقًا كان أولى.

والثاني: أَنْ يُعَلِّقَ لله ما يلزم الوفاء به إذا نذره، لكن لم يقصد أَنْ يكون لازمًا له لا لله ولا لغير الله، كما لو حلف ليفعلنَّه وهو لا يريد أَنْ يفعله، فصار حالفًا بالله على ذلك؛ فهو فيما قبله لم يقصد عند وجود الفعل الأول إلا حَضَّ نفسه ومنعها من الفعل (?) الثاني، لم يقصد أَنْ يلتزم شيئًا لله.

فلا فَرْقَ بين قوله: إِنْ فعلتم فلله عليَّ أَنْ أُطَلِّقَهَا، وبين قوله: فوالله لأطلقنَّها؛ كلاهما لم يقصد أَنْ يلتزم شيئًا لله، وإنما يقصد أَنْ يحُضَّ نفسه على الطلاق؛ وإذا كان هذا المعنى قَصْدُهُ فسواء قال: والله لأطلقنها، أو قال: لله عليَّ أَنْ أُطَلِّقَهَا (?)؛ فلهذا يقول هنا بإجزاء الكفارة أو لزومها مَنْ لا يقول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015