وتخاذلتم حتى شنت الغارات، وملكت عليكم الأوطان .. ثم انصرفوا وافرين، ما نال رجلاً منهم كلم، ولا أريق لهم دم، فلو أن امرأ مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً، بل كان به عندي جديراً .. فقبحاً لكم وترحاً، حين صرتم غرضاً يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون.
فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم: هذه حمارة القيظ، أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم: هذه صبارة القر، أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فراراً من الحر والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فأنتم والله من السيف أفر" (?).
ومرة أخرى حتى قال:
"ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها، وأصبحت أخاف ظلم رعيتي، استنفرتكم للجها فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا، ودعوتكم سراً وجهراً فلم تستجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا، شهود كغياب، وعبيد كأرباب، وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر قولي حتى أراكم عني متفرقين أيادي سبأ .. منيت منكم بثلاث واثنتين، صم ذوو أسماع وبكم ذوو كلام، وعمي ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء .. والله لكأني بكم فيما إخالكم: أن لو حمس الوغاء، وحمي الضراب قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها" (?).
ولم ي: خذلانهم، وترك نصرتهم، ورفض تأييدهم للحسن بن علي أقل من أبيه، فهم الذين تركوه في خضم المعارك، وأرادوا تسليمه إلى معاوية رضي الله تعالى عنهما، وانتبهوا مضاربه، وجرحوه بمعول في فخذه (?). حتى اضطر إلى أن يقول: