بعد الحافظ ابن حجر إلا أن يكون تلميذه السخاوي أو السيوطي، فإذا أجاز الصنعاني لمن كان في عصره التصحيح والتضعيف ولا حافظ فيه باعتراف الجميع فكلامة دليل واضح على بطلان شرط الشيخ، فثبت المراد. فرحم الله من ترك الجدال والإصرار.
هذا وإذا ثبت جواز التصحيح للمتمكن جاز له بالتالي التضعيف أيضًا ولا فرق بل لعلي هذا أولى، فإن التصحيح يستلزم العلم بانتقاء كل العلل المبينة في المصطلح بينما التضعيف يكفي فيه الوقوف على علة قادحة، ولهذا أجازه من منع التصحيح ألا وهو أبو عمر بن الصلاح، فقال في "المقدمة" (ص 18) بعد أن ذ كر تساهل الحاكم في مستدركه:
"فالأولى أن نتوسط في أمره فنقول ما حكم بصحته ولم نجد ذلك فيه لغيره من الأئمة إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به، ويعمل به إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه".
قال الحافظ العراقي في شرحه:
"وقد تعقبه بدر الدين ابن جماعة فقال: "إنه يتتبع ويحكم عليه بما يليق له من الحسن أو الصحة أو الضعف"، وهذا هو الصواب".
فهذا يبين أن التضعيف أمر متفق عليه بين ابن الصلاح ومخالفيه في رأيه في "التصحيح"، فيجوز تضعيف الحديث بناء على ضعف السند، ولا يخالف هذا ما نقله الشيخ عن النووي وغيره (ص 37) من المنع أن يجزم بتضعيف الحديث اعتمادًا على ضعف إسناده، لاحتمال أن يكون له إسناد صحيح غيره
لأن هذا إنما يمنع من الجزم، للاحتمال المذكور، وأما إذا لم يجزم الباحث بالضعف وإنما قاله بناء على غلبة الظن، أو جزم به بعد دفع الاحتمال المذكور إما بنقل عن إمام حافظ بتفرد الضعيف به أو بعد إفراغ الجهد في استقصاءِ الطرق من كتب الحفاظ الجامعين فهذا مما لا اعتراض عليه، ولا أتصور عاقلًا شم رائحة