وإذ كانت خطة المجلة أن تمهد الأسباب لنشر الحقيقة وتتجنب ما وسعها مجال الأخذ والرد بغير طائل، وكنا لمثل ذلك نجمع عادة بين وجهات النظر المختلفة بعرض حجة الفريقين المختلفَين معًا، لذلك فإننا عرضنا على الشيخ محمد ناصر الدين هذه الرسالة فأوجز ما أتى به الأستاذ الشيبي، وبين نقاط الاختلاف؛ وبسط خلال ذلك من قواعد "الجرح والتعديل" بمناقشة رصينة ما تتضاعف به فائدة القراء، وهذا ما سيراه القاريء الكريم، ورائدنا أن يحصحص الحق لطالبيه، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
* * *
قال الأستاذ الشيخ محمد ناصر الدين الألباني:
موضع الخلاف بيني وبين الشيخ: يدور الخلاف بيني وبين فضيلة الشيخ عبدالله في ثلاثة أحاديث:
الأول: (نعم المذكر السبحة).
الثاني: عن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل)؟ فقال: (سبحان الله عدد ما خلق في السماء ... الحديث).
الثالث: عن صفية قالت: دخل علىّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن ... الحديث، نحو الذي قبله. .
فذهبت أنا في مقال نشرته هذه المجلة الكريمة في الجزأين (9 و 10 السنة 22) إلى أن الحديث الأول ضعيف السند موضوع المتن؛ وإلى أن الحديثين الآخرين إسنادهما ضعيف، وأنّ ذكر الحصى في الثاني منهما منكر لمخالفته لحديث جويرية الصحيح في مسلم الذي ليس فيه ذكر الحصى. (?)
أما حضرة الشيخ فإنه ذهب في رسالته الآنفة الذكر إلى أن الحديث الأول ضعيف فقط وأن الآخرين صحيحان؛ ولكي يتضح القاريء اللبيب الصواب من هذا الخلاف لابد من أن أذكر الأصول التي بنى الشيخ عليها تضعيفه وتصحيحه، ثم أعود فأجيب عنها بما ييسر الله سبحانه وتعالى.