"إذا وجدت حديثًا بإسناد ضعيف فلك أن تقول: هذا ضعيف، وتعني بذلك الإسناد، وليس لك أن تعني بذلك ضعفه مطلقًا بناء على ضعف ذلك الطريق، ولعل له إسنادًا صحيحًا آخر يثبت بمثله الحديث، بل يقف جواز إطلاق ضعفه على حكم إمام من أئمة الحديث بأنه ليس له إسناد يثبت به، مع وصف ذلك الإمام لبيان وجه الضعف مفسرًا".
يضاف إلى ما سبق قول الحافظ ابن حجر الذي ساقه الشيخ عقب كلام النووي السابق:
"وكذلك إذا وجد كلام إمام من أئمة الحديث قد جزم بأن فلانًا تفرد به، وعرف المتأخر بأن فلانًا المذكور قد ضعف، فما المانع من الحكم بالضعف؟ ! ".
جواز تضعيف الحديث مقيدًا أو مطلقًا فقد استفدنا من هذه النصوص أمرين:
الأول: جواز تضعيف الحديث الذي سنده ضعيف، تضعيفًا مقيدًا بهذا السند لا مطلقًا للاحتمال المذكور في كلام العراقي.
الثاني: يجوز لأمثالنا من المتأخرين أن يضعف الحديث مطلقًا بناء على جزم إمام أنه تفرد به أحد الرواة وقد عرفنا نحن ضعفه.
فإذا تأمل القارئ الكريم في هذه الفوائد يتضح له وضوحًا جليًّا تحامل حضرة الشيخ عليّ إذ نسبني (ص 20) إلى مخالفتي هذه القاعدة وإلى "التحكم النفساني"! مع أنني لم أخالف القاعدة مطلقًا في كل ما أكتبه من هذه "المقالات" بل تضعيفي للأحاديث دائر حولها. أما على الأمر الأول فظاهر، وعلى هذا جرى كل العلماء في تخريجهم للأحاديث فإنهم إذا وجدوا حديثًا بإسناد ضعيف. قالوا: "سنده ضعيف" أو "هذا حديث ضعيف" ويعنون بذلك ضعفه بخصوص هذا الإسناد، ولا يمنعهم من ذلك احتمال أن يكون له إسناد آخر، لأن هذا الاحتمال لا يكلف به الإنسان إلا من الوجهة النظرية، أما من الوجهة العملية، فالحديث الضعيف سنده هو مثل الحديث الضعيف مطلقًا الذي صرح العلماء بضعفه وعدم وجود طريق آخر له.