الرد المفحم (صفحة 186)

ربك نسيا) [مريم: 64] ولأوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمر المرأة الخثعمية أن تستر وجهها فإن هذا هو وقت البيان كما تقدم ولكنه على خلاف ذلك أراد صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس في ذلك المشهد العظيم أن سد الذريعة هنا لا يكون بتحريم ما أحل الله للنساء أن يسفرن عن وجوههن إن شئن وإنما بتطبيق قاعدة: (. . . يغضوا من أبصارهم) وذلك بصرفه نظر الفضل عن المرأة

وفي نقدي أنه لا فرق بين هؤلاء المقلدة الموجبين على النساء ستر وجوههن - سدا للذريعة كما زعموا - وبين ما لو قال قائل: يجب على الرجال أن يستروا وجوههم - كما هو شأن الملثمين في بعض البلاد - كي لا تفتتن النساء بالنظر إليهم سدا للذريعة أيضا فهذا كهذا ومن فرق فقد تناقض وتعصب للرجال على النساء إذ أنهم مشتركون جميعا في وجوب غض النظر فمن زاد على الآخر حكما جديدا بغير برهان من الله ورسوله فقد تعدى وظلم (والله لا يحب الظالمين) [آل عمران: 57]

وهنا أستحضر بيتا من الشعر كأن امرأة فقيهة تتمثل به فتقول:

غيري جنى وأنا المعذب فيكم فكأنني سبابة المتندم

ولعل من نافلة القول أن أذكر: أن جل هذا البحث إنما هو مع أولئك المقلدة الذين خالفوا أئمتهم في هذه المسألة - والكتاب والسنة معهم - والذين يرى المقلدون وجوب تقليدهم لأن أقوالهم بالنسبة إلى المقلدين كأدلة الكتاب والسنة بالنسبة للمجتهدين فكما لا يجوز لهؤلاء إلا اتباع

[140]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015