فضلا عن غيره من العلماء المتقدمين والمتأخرين إلى عصرنا هذا الذين استمروا على القول بجواز النظر إلى وجه المرأة وكفيها إذا أمن الناظر الفتنة وقد ذكرت أقوالهم في ذلك قريبا (ص 119 - 121) فليراجعها من شاء أن يتذكر وهي كلها تلتقي على أنه يجب على الرجال أن لا ينظروا إلى وجوه النساء عند خشيتهم الفتنة فما أجهل ذلك المؤلف الذي نسب إلى الأئمة اتفاقهم على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها حتى لا يفتتن الرجال بها وفيهم من كان في القرن السادس وما بعده - كالقاضي عياض والنووي وابن مفلح والشوكاني - وقالوا كما تقدم:
لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها
وأنه لا ينبغي الإنكار عليهم إذا كشفن عن وجوههن في الطريق
وكأن ذلك المؤلف ومن على شاكلته - من المقلدة كالصابوني والغاوجي وأمثالهم - يتوهمون أن الفتنة كانت مأمونة في تلك القرون وأن الله تبارك وتعالى لم يضع الذرائع والسدود أمامها بما فرض على النساء من الحجاب وبما أمر به الجنسين من غض البصر وقال في ذلك: (ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) [الأحزاب: 53] ويتناسون أن طبيعة البشر واحدة في كل زمان كما جاء في القرآن: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين. . .) [آل عمران: 14] الآية. وأنهم إنما يتفاوتون بالتقوى واتباع أحكام الله تعالى ومن ذلك قصة الفضل بن العباس رضي الله عنههما مع
[135]