القرآن ويردون الأحاديث الصحيحة بذلك. قال وهذا فعل الذين يستمسكون بالمتشابه في رد المحكم فإِن لم يجدوا لفظا متشابها غير المحكم يردونه به استخرجوا من المحكم وصفا متشابها وردوه به انتهى.

الوجه الثاني أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا بلغهم الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تمسكوا به وقابلوه بالقبول والتسليم, وكذلك التابعون وأئمة العلم والهدى من بعدهم فإِنهم كانوا إذا بلغهم شيء من الأحاديث المروية بالأسانيد الصحيحة تمسكوا به وقابلوه بالقبول والتسليم, ولم يكن الصحابة والتابعون وأئمة العلم والهدى من بعدهم يرفضون شيئا من الأحاديث الصحيحة أو يعارضونها بالقرآن. فمن رفض شيئا من الأحاديث الصحيحة أو حث على رفضها وزعم أن ذلك واجب فلا شك أنه مشاق للرسول صلى الله عليه وسلم ومتبع لغير سبيل المؤمنين وقد قال الله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا).

الوجه الثالث أن تبرئة النبي صلى الله عليه وسلم مما ثبت عنه بالأسانيد الصحيحة لا يقول بها عاقل لأن تبرئته مما ثبت عنه حاصلها تكذيبه ورد قوله, ولا يصدر ذلك من مسلم يؤمن بالله ورسوله.

الوجه الرابع أن تطهير الدين لا يكون برفض الأحاديث الصحيحة وردها وإنما يكون ذلك برد البدع ومحاربة المبتدعين الزائغين عن الحق المتبعين لغير سبيل المؤمنين, ومنهم الذين يعارضون الأحاديث الصحيحة بالمتشابه من القرآن وبآرائهم وآراء شيوخهم ومن يعظمونه من أهل البدع.

الوجه الخامس أن تكذيب الأحاديث الصحيحة ورفضها ليس هو الذي يعود على دين الإِسلام بالرونق الجميل كما زعم ذلك المؤلف المفتون. وإنما يعود عليه بالشكوك والظنون السيئة وعدم الثقة فهو في الحقيقة تشويه للدين وتدنيس له وليس تطهيراً له كما قد زعم ذلك من أعمى الله بصيرته.

الوجه السادس أن يقال قد كان الدين محترما حينما كان المسلمون يحكمون بالكتاب والسنة ويحترمون القرآن والأحاديث الصحيحة وكتب السلف وأئمة الخلف ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويجاهدون في سبيل الله ويفعلون ما أمر الله به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015