فصل
وقال المؤلف في صفحة (3) ما نصه
ثانيا الدعوة العملية إلى تقسيم الحديث المنسوب إلى النبي (ص) إلى ثلاثة أنواع. النوع الأول حديث يوافق القرآن في مضمونه أو في معناه, والنوع الثاني هو حديث يأتينا بفضائل الأعمال ولا يعارضه القرآن. وهذان النوعان يفرض الله تبارك وتعالى الإِيمان بهما كجزء من رسالة النبي عليه الصلاة والسلام, ونوع ثلاث يأتينا بمعان أو أحكام أو قصص تخالف القرآن في مضمونه أو في معناه, وهذا النوع يجب رفضه وتبرئة النبي (ص) منه وذلك عملا على تطهير ديننا من شوائب الدس الإسرائيلي حتى يعود إليه الرونق الجميل الذي يحمل العالم على احترامه والدخول فيه.
والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال ليس في الأحاديث الصحيحة ما يخالف القرآن بوجه من الوجوه, ومن زعم أن شيئا من الأحاديث الصحيحة يخالف القرآن فذلك من سوء فهمه للقرآن والأحاديث الصحيحة. وربما يكون ذلك لزيغ في قلبه فيتأول القرآن على غير تأويله ويعارض به الأحاديث الصحيحة كما فعل ذلك المؤلف, وقد جمع في فعله بين أمرين ذميمين أحدهما تحريف الكلم عن مواضعه, والثاني رد الأحاديث الصحيحة واطراحها. وقد قال الله تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) قال الإِمام أحمد رحمه الله تعالى أتدري ما الفتنة. الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك. وقال تعالى (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) قالت عائشة رضي الله عنها تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) إلى قوله (أولو الألباب) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» رواه الإِمام أحمد وأبو داود الطيالسي والشيخان وأهل السنن إلا النسائي وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
وقد تقدم قول ابن القيم رحمه الله تعالى في الذين يعارضون السنن بظاهر