فجوابه أن يقال هذا خطأ وجهل وقد تقدم التنبيه على ذلك في فصل قبل هذا الفصل بتسعة فصور وبينت هناك أن أبا هريرة رضي الله عنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين وزيادة أيام فليراجع ما ذكرته هناك (?).
وأما قوله وبقي أن نعرف ما رواه الذين سبقوه بالإِيمان وكانوا أدنى منه إلى رسول الله وأعلم بالدين, إلى آخر كلامه.
فجوابه أن يقال إن أبا هريرة رضي الله عنه قد لزم رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ قدم عليه في أول سنة سبع من الهجرة, وكان يدور معه حيث دار وكان مع ذلك من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان يحضر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يحضره سائر المهاجرين والأنصار لاشتغال المهاجرين بالتجارة واشتغال الأنصار بحوائطهم, وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحرص على العلم والحديث. وقد تقدم ما رواه الحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «أبو هريرة وعاء العلم».
وتقدم أيضاً ما رواه النسائي بسند جيد عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن أبا هريرة رضي الله عنه سأل الله علما لا ينسى وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن على دعائه, والتأمين معناه الدعاء بالإِجابة, ودعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجاب بلا شك. وقد شهد غير واحد من أكابر الصحابة رضي الله عنهم لأبي هريرة رضي الله عنه بالحفظ, وقد تقدم ذكر ذلك قبل تسعة فصول فليراجع (?) , وتقدم أيضاً ما رواه ابن سعد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قدمت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر سنة سبع وأقمت معه حتى توفي أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه وأصلي معه وأحج وأغزو معه فكنت والله أعلم الناس بحديثه قد والله سبقني قوم بصحبته والهجرة إليه من قريش والأنصار وكانوا يعرفون لزومي له فيسألوني عن حديثه منهم عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فلا والله ما يخفى علي كل حديث كان بالمدينة, فليراجع هذا وغيره مما تقدم في الفصل الذي أشرت إليه آنفا (?) ففي ذلك أبلغ رد على المؤلف وأبي رية وغيرهما من الشانئين لأبي هريرة رضي الله عنه.