حديث فقلبوا أسانيدها ثم ألقوها عليه فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه فأقر له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل.

وتقدم (?) أيضا ما ذكره الحافظ ابن حجر عن أبي الأزهر قال كان بسمرقند أربعمائة محدث فتجمعوا وأحبوا أن يغالطوا محمد بن إسماعيل فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق وإسناد العراق في إسناد الشام وإسناد الحرم في إسناد اليمن فما استطاعوا مع ذلك أن يتعلقوا عليه بسقطة.

وروى القاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة بإِسناده عن محمد بن أبي حاتم قال سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان كان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل يختلف معنا إلى مشايخ الحديث في البصرة وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام فكنا نقول له إنك تختلف معنا ولا تكتب فما معناك فيما تصنع فقال لنا بعد ستة عشر يوماً إنكما قد أكثرتما علي وألححتما فأعرضا علي ما كتبتما فأخرجنا ما كان عندنا فزاد على خمسة عشر ألف حديث فقرأها عن ظهر قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا على حفظه, ثم قال أترون أني اختلف هدراً وأضيع أيامي فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.

وروى القاضي أبو الحسين أيضا عن عبد الله بن الإِمام أحمد بن حنبل قال سمعت أبي يقول ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل.

فهذه شهادة من إمام أهل السنة والجماعة للبخاري بالفضل والتقدم. وبهذه الشهادة وأمثالها من شهادات شيوخه وأقرانه وأئمة العلم والهدى من بعدهم يرد على من حاول التشكيك في حفظ البخاري والحط من قدره.

وأما سكوت البخاري لما سئل عما كان يكتبه من حفظه هل كان يكتبه بتمامه أم لا.

فجوابه أن يقال يحتمل أن يكون سكوته عن الجواب من باب الاحتياط خشية أن يكون قد وقع منه تقديم أو تأخير أو تغيير في بعض الألفاظ وإن كان ذلك لا يؤثر في الحديث, ويحتمل أن يكون سكوته عن الجواب خوفاً من العجب وتزكية النفس, ولعل هذا الاحتمال هو الأقرب, وأيا ما كان فلا عيب على البخاري في سكوته عن الجواب ولا يؤثر ذلك فيما اتصف به من مزيد الحفظ والإِتقان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015