الاحتفال بالمولد قد جري به العمل في زمن السلف، وهذا لا أساس له من الصحة، وقد ذكرت في الوجه الثالث أن الصحابة الذين هم خيرة السلف وصفوتهم لم يكونوا يعرفون الاحتفال بالمولد، ولم يكن معروفا في زمن التابعين وتابعيهم ومن كان بعد ذلك إلى آخر القرن السادس من الهجرة، وبهذا يتضح لكل عاقل ما في كلام ابن علوي والرفاعي من التهور والتلبيس على ضعفاء البصيرة.
وأما قول ابن علوي والرفاعي فهو مطلوب شرعًا للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود (ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح).
فجوابه من وجوه أحدها: أن يقال إن المطلوب شرعًا هو ما شرعه الله في كتابه وعلى لسان رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك ما سنه الخلفاء الراشدون وهم: أبو بكر، وعمر وعثمان، وعلي رضي الله عنهم؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حث على الأخذ بسنته وسنتهم والتمسك بها والعض عليها بالنواجذ، وما سوى ذلك من المحدثات في الدين، فهي من الشرع الذي لم يأذن به الله، وما كان من هذا القبيل فهو مردود؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» أي مردود، وهذا الحديث عام لجميع المحدثات في الدين فيدخل فيه الاحتفال بالمولد، واتخاذه عيدًا، وكذلك غيره من الأعياد المبتدعة والأمور المحدثة في الدين.
الوجه الثاني: أن يقال لا يخفى ما في كلام ابن علوي والرفاعي من التهور والجراءة على الله تعالى حيث زعم كل منهما أن الاحتفال