وذلك نص حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، حيث قال فيه: «فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور»، فقرن عليه السلام كما ترى سنة الخلفاء الراشدين بسنته، وإن من اتباع سنته اتباع سنتهم، وإن المحدثات خلاف ذلك ليست منها في شيء؛ لأنهم -رضي الله عنهم-، فيما سنوه إما متبعون لسنة نبيهم عليه السلام نفسها، وإما متبعون لما فهموا من سنته - صلى الله عليه وسلم - في الجملة والتفصيل على وجه يخفى على غيرهم مثله، لا زائد على ذلك.

ومن الأصول المضمنة في أثر عمر بن عبد العزيز أن سنة ولاة الأمر وعملهم تفسير لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لقوله: «الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة في دين الله»، وهو أصل مقرر في غير هذا الموضع، فقد جمع كلام عمر بن عبد العزيز، رحمه الله أصولا حسنة وفوائد مهمة انتهى كلام الشاطبي -رحمه الله تعالى-.

وإذا علم هذا فليعلم أيضا أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، إنما سمى ما فعله من جمع الناس على إمام واحد في قيام رمضان بدعة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستمر على فعله ولم يكن يفعل في زمان أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فلهذا قال عمر رضي الله عنه فيه ما قال. وقد صرح الشاطبي في كتاب "الاعتصام" أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إنما سمى قيام الناس في ليالي رمضان بدعة على المجاز، وقال في موضع آخر من كتاب "الاعتصام" وأما قسم المندوب فليس من البدع بحال، وتبيين ذلك بالنظر في الأمثلة التي مثل لها بصلاة التراويح في رمضان جماعة في المسجد، فقد قام بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015