والبخاري في تاريخه، والحاكم في مستدركه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر»، قال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه الحاكم، والذهبي، وللترمذي والحاكم أيضًا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه.
وقد قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى-: سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه من بعده سننًا الأخذ بها، تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها، من عمل بها مهتد، ومن انتصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا. رواه أبو بكر الخطيب من طريق الزهري عن عمر بن عبد العزيز، -رحمه الله تعالى-، وقد ذكره الشاطبي في كتاب "الاعتصام"، فقال ومن كلامه الذي عني به وبحفظه العلماء وكان يعجب مالكًا جدًا، فذكر كلام عمر الذي رواه الخطيب، ثم قال: وبحق ما كان يعجبهم فإنه كلام مختصر جمع أصولا حسنة من السنة منها قوله: ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها، قطع لمادة الابتداع جملة، وقوله من عمل بها مهتد إلى آخر الكلام مدح لمتبع السنة، وذم لمن خالفها بالدليل الدال على ذلك، وهو قول الله سبحانه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}، ومنها ما سنه ولاة الأمر من بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو سنة لا بدعة فيه البتة، وإن لم يعلم في كتاب الله ولا سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - نص عليه على الخصوص فقد جاء ما يدل عليه في الجملة،