رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد أصحابه، ولا في القرون الثلاثة المفضلة، وإنما حدث ذلك بعد زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بنحو من ست مائة سنة، وما لم يكن عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، رضي الله عنهم، فلا شك أنه مذموم ويخشى على فاعله أن يكون من الثنتين وسبعين فرقة التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها في النار.
وقد استدل الرفاعي على أن عيد المولد بدعة حسنة محمودة بثناء أبي شامة على سلطان إربل الذي ابتدع عيد المولد وهو الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ابن زين الدين علي بن بكتكين التركماني، واستدل أيضًا بأقوال لبعض الذين ألفوا في المولد واستحسنوا الاحتفال به، وأفتوا بجواز ذلك.
والجواب أن يقال: إن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الرأي والاستحسان والابتداع، ولا قول لأحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم في الأحاديث الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»، وقال أيضًا: «وشر الأمور محدثاتها»، وقال أيضًا: «من عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، فهذه النصوص تقضي على كل ما خالفها من أقوال الناس واستحسانهم، وقد تقم قول الشافعي -رحمه الله تعالى- أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد. وتتقدم في وصف الفرقة الناجية من هذه الأمة أنهم من كان على مثل ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم.