شيئًا حسنًا محمودًا فإنما هو في الحقيقة يستدرك على الشريعة، ويرد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذان الأمران خطيران جدًا لما فيهما من المحادة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - فليتأمل الرفاعي قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، فهذه الآية الكريمة تقضي على البدع كلها، وترد على من تعلق بها، أو بشيء منها، وعلى من أفتى بجوازها، أو جواز شيء منها، وعلى من زعم أن بدعة المولد حسنة محمودة وسنة مباركة، قال الشاطبي في كتاب «الاعتصام»: إن المستحسن للبدع يلزمه أن يكون الشرع عنده لم يكمل بعدُ، فلا يكون لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} معنى يعتبر به عندهم، انتهى.
ويلزم على القول بأن الاحتفال بالمولد سنة حسنة محمودة مباركة لوازم سيئة جدًا أحدها: أن يكون الاحتفال بالمولد من الدين الذي أكمله الله لعباده ورضيه لهم. وهذا معلوم البطلان بالضرورة، لأن الله تعالى لم يأمر عباده بالاحتفال بالمولد، ولم يأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يفعله ولا فعله أحد من الخلفاء الراشدين، ولا غيرهم من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، بل ولم يكن معروفًا عند المسلمين إلى أن مضى عليهم نحو من ستمائة سنة، فحينئذ ابتدعه سلطان إربل وصار له ذكر عند الناس. وعلى هذا فمن زعم أن الاحتفال بالمولد من الدين، فقد قال: على الله، وعلى كتابه، وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بغير علم.
الثاني: من اللوازم السيئة أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم قد تركوا العمل بسنة حسنة