وقد ذكر الشاطبي في كتاب «الاعتصام» ما رواه ابن حبيب عن ابن ماجشون قال: سمعت مالكًا يقول: «من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، فلما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا»، وذكره الشاطبي في موضع آخر من كتاب «الاعتصام»، ولفظه قال: «من أحدث في هذه الأمة شيئًا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة»، وذكر بقيته بمثل ما تقدم، انتهى.

وأما قول الرفاعي: وإن كانت بدعة فهو بدعة حسنة محمودة كغيرها من البدع التي ابتدعت في الإسلام، وأفتى بها وأثنى عليها علماء أهل السنة والجماعة.

فجوابه أن يقال: ليس في البدع التي قد ابتدعت في الدين شيء حسن محمود البتة، بل البدع في الدين كلها شر وضلالة بنص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال في حديث جابر رضي الله عنه الذي تقدم ذكره «وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة»، وفي حديث العرباض بن سارية، -رضي الله- عنه الذي تقدم ذكره «وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة»، وكل بدعة ضلالة، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه، الذي تقدم ذكره «ألا وإياكم ومحدثات الأمور، فإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».

وهل يقول عاقل: إن من الشر والضلالة ما هو حسن محمود، كلا لا يقول ذلك عاقل، ومن زعم أن في البدع التي قد ابتدعت في الدين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015