ضافياً. ومن ذلك أن هذه القلعة أو المعبد القديم كان قبل الآن مغموراً معظمه بالأنقاض والأتربة، حتّى ما كان يظهر من معالمه الأثريّة المدهشة سوى جزء صغير، وما زال كذلك حتّى أتاح الحظ لبعلبك أن زارها جلالة غليوم الثاني إمبراطور الألمانيين. ومذ رأى أنّ المعبد كما وصفنا ليس ظاهراً منه إلا شيء قليل، توجّهت همّته لكشف هياكله وإظهار تماثيله ومعالمه ليعود إلى سيرته الأولى، فوجّه من أجل ذلك بعثة علمية تتألّف أعضاؤها من خير مهندسي حكومته ويرأسها أحد مشاهير العلماء، فأخذت هذه البعثة في البحث والتنقيب عن الآثار تحت أطباق الردم والتراب حتّى كشفت ما هنالك
للرومان والأوثان، وما تمّ على يد البيزانطيين ودين المسيح، ثمّ ما زاده من البناء غزاة الإسلام. ويقال إن هذه البعثة الألمانية استمرت تشتغل في تلك المهمّة نحو سنتين، وأنّها اشترطت أن تأخذ لنفسها في نظير ذلك العمل كلّ ما تعثر عليه من الآثار ذات القيمة متى كان يمكن لها نقله من جهة إلى أخرى. وقد ذكر لنا أيضاً أن العرب والأتراك كانوا قد اتّخذوا حصنهم الحصين من ذلك المعبد مدّة حرب الصليبيين، وأنّهم هدموا ما كان يحيط به من البناء الّذي كان يستطاع تسلّقه وكان غرضهم من ذلك تحصين القلعة وزيادة منعتها.
هذه القلعة قائمة في الجهة الغربية من المدينة، وهي مغطّاة بآثار المعبدين، وقد تقدّم ذكرهما. قصدنا إلى تلك القلعة، وقد كنّا قبل أن ندنو منها نشاهد منظراً ضخماً وبناء شاهقاً لم نر له مثيلاً، فما برحنا نردّد النظر حوله حتّى إذا صرنا منه على مسافة أمتار، أفزعنا شكله في مجموعه وروّعنا ما رأيناه من أصوله وفروعه، وما زال يزداد عجباً وتعظم دهشتنا كلّما تدانينا منه حتّى بلغنا إليه، فرأينا ذلك المنظر المهول وقد تحلّلت جملته وتفكّكت كليته بين حديقة وأغراس جميلة إلا أنّها من الأوضاع الحديثة. رادنا رئيس الآثار إلى القلعة حيث دخل بنا إليها من باب كبير على جانبه من اليسار واليمين بابان صغيران، فوصلنا إلى ساحة مسدّسة الشكل وفي جميع جوانبها آثار أعمدة يفيد ظاهرها وبعض شيء لا يزال باقياً عليها أنها