حوران. فقلت كان بودّي أن
أراهما، ولكن مع الأسف ليس عندي الآن من الوقت ما يسع أن أنتظر ريثما تجيء الخيل من جهة بعيدة عن بيروت أو ضواحيها، لأنّي عازم على زيارة دمشق ولم يبق إلا ساعات قليلة. فقال: إذا كان لابدّ من السفر فإنّ أمامنا حصانين آخرين في بعض الجهات القريبة من دمشق، ومن السّهل جدّاً أن أسافر وأستحضرهما لدولتكم عندما تشرفون هذه المدينة؛ وإنّ هذين الحصانين لا يقلان حسناً وشهرة عن الحصانين الأوّلين. ولمّا لم يكن ثمّت مانع من ذلك تفاوضنا في ما ندفعه أجراً له على سعيه وتعبه، وانتهينا على أن يتقاضى منّا جنيهاً واحداً في كلّ يوم، حيث يكون منه أيضاً أكله وشربه ومصاريف سياحته سفراً وإقامة، حتّى تتمّ مأموريته الّتي أنطناه بها. وقد كان علم أنّ سفرنا من بيروت سيكون في صباح اليوم الثاني، فأراد أن يزجّ بنفسه في حاشيتنا ويسافر معنا. ومن أجل ذلك سألنا: هل ترون من اللازم أن أستبدل ملابسي بزيّ عربي أو لبوس عاديّ، لكي أحظى بشرف السفر في معيّة دولتكم في القطر الّذي تسافرون فيه؟ فأجبته بأنّ سفرنا في هذه السياحة ربّما لا يسمح لنا بمرافقة عدد أكثر ممّن سيسافرون معنا، وربّما لا تحبّ الحكومة العثمانية أن ترى في ضمن رفاقنا أحد رجال الإنجليز، على أنّنا لا نرى هناك من ضرورة لأن تكون في هذا السفر من جملة حاشيتنا، وأنت تعرف أنّ القطار غير خاصّ بنا، وأنّ في عرباته الكثيرة سعة لك ولغيرك من المسافرين، فاِنزل منه في أيّ عربة تريد. ثمّ إذا جئت دمشق فاِنزل منها أيضاً في أيّ فندق تحبّ وتختار. وعلى ذلك اِنصرف الرّجل ونحن لا نعرف من أمره سوى أنّه عاقلٌ نبيه ووادع مؤدّب. وسنذكر بقيّة قصّته في فندق دمشق، إن شاء الله.
ما كادت تتوسّط الغزالة حتّى كنّا أخذنا زينتنا وأعددنا عدّتنا للذهاب إلى سراي
صاحب الدولة يوسف باشا فرانكو متصرّف لبنان السابع، فركبنا من باب الفندق ومعنا رفاقنا ما وسعنا من المركبات، حيث قصدنا توّاً إلى السراي. وكان في اِنتظارنا عند بابها من العسكر والموسيقى في هذه المرّة ما كان لا يقلّ عنه عدداً ونظاماً في المرّة