إليها بالطبع هذا العمار الباهر. ثمّ هو لا يزال يتردّد على القاهرة في كلّ شتاء. وإنّنا نشكر الصدفة الجميلة الّتي جمعتنا بهذا الشيخ الجليل في فندق من فنادق الشام على غير موعد.
وبينما كنت أنقّب عن الخيل الأصيلة وأبحث عنها في المدينة وغيرها لأشتري ما يعجبني منها، إذ أخبرت أنّ شابّاً إنجليزي التبعة يدّعي أنّه يعرف البلاد ويتعشّق الخيل ويقتنيها يريد أن يقابلني فأذنت له. وكانت هيئته وحركاته في سلامه وكلامه تدلّ على أنّه رجل عاقل مهذّب ظريف. ثمّ إنّي اِفتتحت حديثي معه بشأن الخيل الّتي توجد في جهات الضواحي، وسألته أيّ الجهات الّتي تعرف فيها وجود الخيل الكريمة، وأيّ الناس أعظم شهرة باِقتنائها من العرب وغيرهم؟ فقال: إنّ لي أصحاباً كثيرين من دروز حوران وعرب رولة الّذين يقطنون بالقرب من مدينة دمشق، وهؤلاء أعرف الناس بالخيل وأبعدهم صيتاً في حيازتها. ثمّ دار بيني وبينه من الكلام والبحث ما عرفته منه أنّ هذا الشاب ملمّ حقيقة بموضوعنا وله معرفة تامّة بحَسَن الخيل وقبيحها وجيّدها ورديئها، فقلت في نفسي الآن وقعت على خير عارف وسأبلغ إن شاء الله بواسطة هذا الشاب النشيط مأربي من خيل الشام. ثمّ عدنا إلى الحديث مستطردين إلى ذكر بعض أمور عامّة تتناول الموضوع الّذي جاءنا بصدده وغيره، فكان منها أنّه غزا في وقائع كثيرة، وأنّه مرّة كان يكون مع الدروز وأخرى يكون في صفّ العرب، وأنّه يجيد النطق باللّغة العربية ويحسنها حتّى كأنّها لغته، إلى غير ذلك. ثمّ إنّي سألته عن غايته من مجيئه إلينا ومقابلتنا وأنّه لم يسبق لي به معرفة ولا كلام، فقال بكلّ رزانة وأدب: أنّه لم يبعثني على التشرّف بمقابلة دولتكم سوى أن أتشرّف بخدمتكم فيما عسى أن ترغبوا شراءه من خيل تلك البلاد أو غيرها، وأنّ لديّ خيلاً لبعض النّاس أريد أن أطلع دولتكم عليها، لعلّكم تجدون منها ما يطابق غرضكم ويوافق رغبتكم. فقلت له: وأين توجد هذه الخيل؟ وإنّنا بحثنا كثيراً فلم نجد ما كان يروق لنا شراؤه. فقال: إنّي أعرف من تلك الخيل حصانين في