الرحله الشاميه (صفحة 150)

تكملة الرحلة الشامية

سبق أنّنا أشبعنا الكلام فيما يتعلّق ببلاد سورية من جهات متعدّدة، فمن ذلك ما ذكرناه من خصوبة أراضيها وطيب مناظرها ونضرة بقاعها وحسن عمائرها، إلى غير ذلك ممّا له مساس بوجودها ومقوّماتها. والآن نريد أن نبدي للقرّاء بعض ملاحظاتنا على حالة تلك البلاد من الوجهة الاقتصادية والوجهة الاجتماعية، لعلّنا نصيب من قلوب السوريّين مكان الناصح الّذي يريد بذلك للشعب الكريم وبلاده العامرة دوام السعادة وعميم الخير والسلام. ذكرنا قبل الآن أن أراضي سورية في غالب الجهات من الأراضي الزراعية الخصبة الّتي تغل جميع الأصناف الحبوبية وغيرها، وريّها سهل متوفّر من الأمطار والأنهار الكثيرة وكذلك الينابيع والعيون والجداول الّتي تتخلّل تلك الأراضي الجيّدة بكثرة بليغة. ولا شكّ أنّ مناظر سورية الطبيعية الّتي يشاهدها المسافر بين حين وآخر قد فاقت كثيراً غيرها من المناظر الجميلة. ولست أجدني مبالغاً إذا قلت إنّها بلغت من البهجة والحسن ما لا يدرك وصفه شاعر مهما اتّسع خياله وانفسح مجاله. أمّا البلاد الشامية في مجموعها، فهي بلاد شرقية على معنى أنّها لا تزال إلى اليوم محافظة على القديم من كلّ تقاليدها وعوائدها. فتجارتها في معظم البلاد تدور غالباً على منسوجاتها ومصنوعاتها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015