الأقطان والمصنوعات قد بلغت نحو عشرة ملايين وسبع مائة ألف فرنك، وأنّ الصادرات من الغلال والصوف والحرير والصابون والإسفنج بلغ تقريباً من سبعة ملايين ومائة ألف فرنك. وأهم ما فيها من الصناعات صناعة الحرير الّتي اشتهرت منها جدّاً المناطق الحريرية، وكذلك صناعة الصابون، حتّى إنّ الباعة يروّجون بضاعتهم من هذين الصنفين بنسبتها إلى طرابلس. أمّا ضواحيها فخصبة التربة جيّدة المعدن، وفيها كثير من شجر الزيتون والبرتقال والليمون وشجر التوت، وهو أكثر من كلّ المغروسات لتربية دود الحرير. وفيها أيضاً يزرع الدخان الّذي لا تزال زراعته تتقدّم شيئاً فشيئاً.
لم يعلم إلى الآن ما هو الاسم القديم الّذي كان يطلقه الفينيقيون على مدينة طرابلس. وقال بعض المؤرخين إنّه يغلب على الظنّ أنّ بناء هذه المدينة لا يتجاوز سبع مائة سنة قبل الميلاد. وهي باعتبارها مدينة من مدن الجمهورية الفينيقية لم يظهر عليها أنّها كانت شغلت مركزاً مهمّاً في تاريخ تلك الجمهورية. ويقال إنّها بنيت في ذلك الوقت على شاطئ البحر. وقد بنى فيها الأشوريون
والرومانيون بعد ذلك مباني فخمة، تكون منها إذ ذاك جمال المدينة وحسنها. ولكن الزلازل الّتي توالت عليها خرّبتها ولم تبق شيئاً يذكر من آثار العمائر الجميلة. وقد فتحها المسلمون بدون مقاومة منها مطلقاً. ثمّ توالت عليها حوادث الحروب الصليبية وغيرها، كما تعاقبت عليها مصائب طبيعية كثيرة. وهي تتألّف كما قلنا من قسمين، قسم الميناء البحرية وقسم المدينة الداخلية الّتي بناها المسلمون واِزدادت عمارتها وكثر عدد سكّانها في القرن السادس عشر. وقد اشتهرت طرابلس فيما بين الناس بأنّها مدينة غير صحيّة بسبب ما يظهر فيها من الحميات، مع أنّ هذه الأمراض لا تظهر هناك إلا قبيل فصل الخريف، وهي مع ذلك قليلة الخطر جدّاً. وتسمّى هذه المدينة عند أهلها بدمشق الصغرى، وشوارعها مرصوفة مرصوصة بالحجارة، وعليها أقبية وعقود يذكّر منظرها بالقرون الوسطى. وفيها سوق للحرير الّذي يصنع بها، وعدد كبير من الخانات،