الرحله الشاميه (صفحة 125)

الخلقة، فجاء إلى جانبنا وتبعه قومه، فالتقى الجمعان على هيئة الجيشين يلتقيان في ساحة الوغى وميدان النزال. ومن ذلك الحين، أخذ الاحتفال صورة جديدة ومظهراً رهيباً مهيباً. وقد استمرّ بنا السير على تلك الحال حتّى ترجّلنا عن مركباتنا عند بيت خارج المدينة، وهو منها على مسيرة بضع دقائق. إذ كان قد خرج عن البلد لاستقبالنا في ذلك البيت سعادة عاكف بك، متصرّف مدينة طرابلس في مقدّمة عدد كبير من رجال الحكومة وأعيان المدينة وعلمائها ووجهائها. وهناك مكثنا بعد أن تصافحنا وتبادلنا السلام والتحيّة، ريثما تناولنا القهوة والمرطّبات اللذيذة. وفي تلك الأثناء تقدّمت إلينا كريمة سعادة المتصرّف وأهدتنا باقة ورد جميلة، كانت تحملها بيدها اليمنى لذلك الغرض، فتقبلناها منها بقبول حسن وشكرنا لها هديّتها، كما شكرنا لوالدها وجميع الحاضرين إذ ذاك عنايتهم وكرمهم. ثمّ عمدنا إلى عربتنا وانتظم الموكب كما كان

أو أحسن، نسير من ذلك المكان بين صفوف الألوف من أهل المدينة والضواحي الّذين كانوا يختلفون بين رجال ونساء وكبار وصغار، وكلّهم كانوا يتزاحمون على رؤيتنا ويتسابقون إليها، على نحو ما يشاهد في الاحتفالات الكبيرة الّتي تشهدها الناس ويجتمعون لها من قريب وبعيد، حتّى كان يخيّل إلينا وقتئذ أنّنا نمرّ في حفلة المحمل المصري. وكذلك كان سيرنا طول المسافة حتّى وصلنا إلى بيت صاحب السعادة عمر باشا الّذي كان قد سبقنا إليه ليستقبلنا عنده هو وشقيقه وبقيّة أسرته الكريمة الّتي كانت كلّها من ذوات الرتب السامية والألقاب العالية. وقد وجدنا عند مدخل البيت من حفاوتهم وترحيبهم ما أنطق ألسنتنا بالثناء الجميل على أفراد هذه الأسرة الفخيمة من رأسها إلى ذنبها.

بيت عمر باشا

أمّا البيت فكان من أبدع البيوتات منظراً وأجملها موقعاً وأحسنها ترتيباً ونظاماً، وقد زاده بهاءً وحسناً ما كان عليه من الزخرف والزينة. وهو قائم في ناحية من المباني عن وسط ميدان واسع، يرى من ورائه هيكل البلد في أحد قسميه قائماً على تلّ مرتفع، وإنّه ما كان تمرّ لحظة وتأتي بعدها لحظة أخرى، حتّى كنّا نحسّ من أنفسنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015