الرحله الشاميه (صفحة 110)

مسافة نحو ستّين ميلاً من مدينة حلب، وباب قنسرين وباب المقام وباب التراب وباب الأحمر وباب الحديد، وفي الجهة الشمالية الغربية يجري نهر قويق، وهو نهر جميل كثير السمك، ويكثر فيه على الخصوص نوع من هذا يسمّى بالثعابين. وهناك يجري نهر آخر يسمّى شالوس وهو ينبع على بعد بضعة أيام من الجهة الشمالية ويصب في مستنقع يبعد عن جنوب المدينة بنحو خمس ساعات ونصف تقريباً.

تاريخ المدينة

أمّا المدينة فقديمة جدّاً واختلف في بانيها على جملة آراء، منها أنّ حلب بن المهر أحد بني الحان بن مكنف من العماليق هو الّذي اختطّ هذه المدينة وسمّيت باسمه سنة 3990 لآدم، وذلك بعد ورود إبراهيم إلى الدّيار الشامية بمدّة 549 سنة هارباً من راميس ملك أسور، وأن العمالقة كانوا جعلوها حصناً لأنفسهم وأموالهم، بعد أن فتح يشوع بلادهم ولم يزالوا عليها إلى أن أخذها منهم داود، وكثر ذكرها في تاريخ العرب وشعرهم. وهي بما حوت من جمال الجوّ وحسن البقعة وجودة الهواء جديرة بذلك الذكر والإطراء، ثمّ إنّه يحيط بها في ضواحيها المباشرة حدائق غنّاء وبساتين بهيجة، أكثر غرسها من شجر الدلب، وشجر آخر يسمّى لسان

العصفور، وشجر الحور الأبيض، وشجر الغَرَب وكذلك النبق والجوز والسفرجل والفستق والزيتون. وهذه الخضرة المتجاوزة حدّ الجمال تبتدئ على بضع ساعات من الجهة الشمالية وتنقسم الأرض في ضواحيها إلى ثلاثة أقسام، الأوّل: الجهة الّتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015