رَحَلَ إلى قُرْطُبةَ فأخَذ الطبَّ عن سُليمانَ بن [14 أ] جُلجُل ومحمد بن عَبْدونَ الجَبَليّ ونُظَرائهما، وعن مَسْلَمةَ بن أحمدَ العدَدَ والهندسةَ، وعاد إلى بلدِه. أخَذ عنه صاعدٌ القاضي بعضَ ما كان عندَه، واتّصل بالظافِر إسماعيلَ ابن ذي النُّون (?)، ثم انقطع عن خِدمة الرُّؤساء ولزِمَ دارَه صَدْرَ دولة المأمون ابن الظافِر مُنقبِضًا عن الناس عاكفًا على قراءة القرآن، وكان عاقلًا جميلَ الذِّكْر والمذهب، ذا كتُبٍ جليلة (?). توفِّي عندَ صَلاة الصُّبح من يوم الثلاثاءِ غُرّةَ رجَبِ أربع وأربعينَ وأربع مئة ابنَ خمس وسبعينَ سنة.
أخَذَ عن أبي الحَسَن الأنطاكي، وهُو لَقَّبَه بنافع لكثرةِ ما قرَأَ عليه القرآنَ بحرف نافع من رواية وَرْشٍ وقالونَ ولم يكُنْ ينتقلُ عنهما، فقال له: أنت نافعٌ وسيَنفَعُ اللهُ بك، فكان كما قال، وأخَذ عنه "جُمَلَ" الزَّجّاجي.
رَوى عن نافع هذا أبو الحَسَن إسحاقُ ابنُ الزيّات القُرْطُبيّ، وابن سِيدَه لقِيَه بدانِيَةَ. وكان مُقرئًا نَحْويًّا تصَدَّر للإقراءِ وتعليم العربيّة.
رَوى عن وَهْب بن مَسَرَّةَ. رَوى عنه ابنُ الأسْلَميّة.