وتمادَت عليه عِلّتُه هذه، وحاول علاجَها بغير شيء فلم يَنجَعْ, فقال في وَصف حالِه وضمَّنَ بيتَ أبي ذُؤْيب خُوَيْلدِ بن خالد بن مُحرَّث، بالثاء مُثلَّثةً، ويقالُ بالباء بواحدة، أحد بني مازنِ بن عَمو بن الحارث بن تمَيم بن سَعد بن هُذَيْل بن مُدرِكةَ بن إلياسَ بن مُضَرَ بن نِزارِ بن معَدِّ بن عدنان رضي اللهُ عنه (?) [كامل]:
عَظُمَ البلاءُ فلا طبيبٌ يُرتَجَى ... منه الشفاءُ ولا دواءٌ يَنجَعُ
لم يبْقَ شيءٌ لم أعالِجْها بهِ ... طمَعَ الحياةِ وأين مَن لا يَطمَعُ
"وإذا المنيّةُ أنْشَبَتْ أظفارَها ... ألفَيْتَ كلَّ تميمةٍ لا تَنفعُ" (?)
ثم لم تُفارِقْه تلك الشِّكايةُ حتى كانت سببَ وفاتِه عامَ خمسةٍ وستينَ وأربع مئة بمالَقة، ونُقلَ منها إلى حِصنِ الوَرد فدُفنَ فيه بعهدٍ منه بذلك رحمه الله، وأمر ان يكتب على قبره هذه الأبيات [طويل]:
بنَيْتُ فلم أسكُنْ وحصَّنتُ جاهدًا ... فلمّا أتَى المقدورُ صيَّرتُهُ قَبْري
ولم يَكُ حَظّي غيرَ ما أنْتَ مُبصرٌ ... بعينِك ما بينَ الذّراع إلى الشِّبْرِ
فيا زائرًا قَبْري أُوصِّيك جاهدًا ... عليك بتقوى الله في السِّرِّ والجَهْرِ
ولا تُحسِنَنْ بالدّهرِ ظنًّا فإنّما ... من الحَزْم أن لايُستَنامَ إلى الدّهرِ
أخَذ عن أبي حَرْشَن عبد الله بن نافع. وكان فقيهًا جليلًا متقدِّمًا في المعرفة بلسانِ العرب لغةً ونحواً.