وأمّا تلك الهديُّ فقد طلِّقت لها العقائل، وأيمت الحرائرُ والحلائل، وإنّما هي عَقيلةُ الشَّرفِ والمجد، ومُطيلةُ الكَلَفِ والوَجْد، فعليّ أن أصحَبَها بالمعروف، وأعرِفَ ما لها من الشُّفوف، وأعُدُّها ذخيرةَ الأبد، ووصيّةَ الوالدِ للولَدَ، لو رأيتُني أقلِبُها وأقبِّلُها، وأتألّمُ لها حين أتأمّلُها، وأقولُ: أيُّ حُليٍّ لو صادَفَ جِيدًا، ومحَلِّ شُكرٍ لو وجَدَ مُجِيدًا، وقد وكَلْتُ الأمرَ إليه، وألقيتُ بيدي ثقةً بما لدَيْه، ثم أعودُ إلى المهمِّ المقدَّم من ذكْرِ أشواقي المؤلمة، وحُرَقي المضرَمة، برَّدَ اللهُ ببَردِ ماءِ اللقاءِ أُوارَها، وأخَذ لي بثأرِها من الفِراق فهو أثارَها، وأسألُ: كيف كانت حالُه في تلك المسالكِ المَهالك، وتخَلُّصُ سَناه من ظُلمِها الحوالك؟ وأمّا سُحَيْم فقد ظَهَرَ بغَرناطةَ حَمِيدَ الحال، شاكرًا لحُسن الصُّحبة وجميل الارتحال، وأنا رهينُ شُكرِها يدًا كبرى، وعارفةً أخرى، واللهُ يكنُفُ مولايَ بعَيْنِه وعَوْنِه، ويكفُلُه بحفظِه وصَوْنِه، ويديمُ علاءه، ويحرُسُ تصفيقَه على المعالي واستيلاءه. والسلامُ الكريمُ يخُصُّه به صَنيعتُه المُباهي بتنويهِه، الشاكرُ لأياديه التي أشارت بتنبيهِه، العُشْبيُّ، ورحمةُ الله وبركاتُه.